قالت : (وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ) قال : قد عفا الله عنك ، قالت : (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) قال : اذهبي فأنت حرّة لوجه الله تعالى.
٥ ـ والذين إذا فعلوا فاحشة ، أي ذنبا يتعدّى ضرره إلى الغير كالزّنى والرّبا والسّرقة والغيبة ونحوها ، أو ظلموا أنفسهم أي فعلوا ذنبا يقتصر ضرره عليهم كشرب الخمر ونحوه ، ذكروا وعد الله ووعيده ، وعظمته وجلاله ، فرجعوا إليه تائبين مستغفرين لذنوبهم ، طالبين رحمته.
علما ـ وهذه جملة اعتراضية ـ بأنه لا يغفر الذنوب إلا الله ، ومن فضله وإحسانه وكرمه أنه يعفو عن المسيء ، ويتجاوز عن المذنب مهما عظمت الذنوب ، غير الشرك ، قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [النساء ٤ / ٤٨] ، وقال أيضا : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) [الأعراف ٧ / ١٥٦].
وشرط قبول التوبة : عدم الإصرار على الذّنب ، وهذا قوله : (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أي تابوا من ذنوبهم ، ورجعوا إلى الله عن قريب ، ولم يستمرّوا على المعصية ويصرّوا عليها غير مقلعين عنها ، ولو تكرر منهم الذّنب تابوا منه ، كما قال الحافظ أبو يعلى في مسنده ، فإنه مع أبي داود والترمذي والبزار في مسنده رووا عن أبي بكررضياللهعنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أصرّ من استغفر ، وإن عاد في اليوم سبعين مرّة»(١).
وهم يعلمون أن الذي أتوه معصية ، ويذكرون ذنوبهم فيتوبون منها ، وأن من تاب تاب الله عليه ، وهذا كقوله تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) [التوبة ٩ / ١٠٤] ، وقوله : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ ، يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء ٤ / ١١٠].
__________________
(١) حديث حسن.