وهنا (فَلِمَ تَقْتُلُونَ) خطاب الحال للحضور في تلك الحال بصيغة الحال والاستقبال ، مما يحمل عليهم قتل الأنبياء حالا واستقبالا ، و «من قبل» توجها الى الماضي ، هما مما يؤكدان طبيعة القتل فيهم حاضرهم وغابرهم ، سلسلة موصولة طول التاريخ الإسرائيلي ، فلو كان زمن خطابهم نبيّ أو أنبياء لقتلوهم ، كما قتل أسلافهم ، ولقد قتلوا ـ في حسبانهم ـ الرسالة المحمدية بنكران بشاراته وتكذيبه!.
(وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) ٩٢.
وهل إن اتخاذكم العجل من بعده : بعد أن جاءكم بالبينات ، وبعد ما غاب عنكم فترة قصيرة إلى الطور (١) ، هل إن ذلك ايضا مما أنزل إليكم فهو من وحي الايمان والايمان بالوحي!.
لقد كفرتم بما أنزل إليكم في وحي التوراة ، ثم ما أنزل في وحي الإنجيل وهما الركنان الركينان من الوحي الإسرائيلي ، ثم أنتم تكفرون بوحي القرآن وقد كنتم تستفتحون به على المشركين ، فما دائكم وما دوائكم! (وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) موسى وشرعته ، فظالمون الحقّ النازل من عند الله ، وظالمون أنفسكم!.
ذلك وإلى مرات ومرات من التمردات والتنمردات عن شرعة الحق النازلة عليكم :
__________________
(١) تفسير البرهان ١ : ١٣٠ قال الامام العسكري (عليه السلام) قال الله عز وجل لليهود الذين تقدم ذكرهم (وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ) الدالات على نبوته وعلى ما وصف من فضل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) وشرفه على الخلائق ... (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ) إلها (مِنْ بَعْدِهِ) بعد انطلاقه الى الجبل وخالفتم خليفته الذي نص عليه وتركه عليكم وهو هارون (وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) كافرون بما فعلتم من ذلك.