و «لو» هنا للتمني لا الاستحالة ، حيث سمعوا او رأوا من عمّر الف سنة او يزيد ، فلانه شاذ بعيد يتمنونه مزيدا في الشهوات.
أتراهم بعد ليس لهم تقليب الاقتراح في هذه المباهلة : إن كانت لكم المسلمين الدار الآخرة خالصة عند الله من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين ، ام ولترضوا ان نقتلكم عن بكرتكم تخلصا الى نعيم الجنة الخالصة عن هذه الدار المحفوفة بالبلاء؟.
كلّا! حيث الرسول والمسلمون معه لم يدّعوا لأنفسهم خالص الدار الآخرة دون شرط ، ف (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً. وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (٤ : ١٢٤).
فلم يدّعوا لأنفسهم خالص الدار الآخرة ، ولا دون شرط ولا دون الناس ، بل (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) ثم منهم من يتمنّى الموت دون مقت للحياة ، بل هيمانا للقاء الله دون تعرض للقتل او الموت فانه محرم في شرعة الله ، بل تجب عليهم مقاتلة الكفار المضللين.
ومنهم من لا يتمناه بغية الحصول على استعداد أكثر للموت ، تحصيلا لمزيد الثواب ، وقضاء على مزيد العقاب ، فكيف ـ إذا ـ يقلب عليهم السؤال وهم ليسوا بمدعين دعواهم الخاوية الفوضى الجزاف؟
ثم (عِنْدَ اللهِ ـ خالِصَةً ـ مِنْ دُونِ النَّاسِ) هي ثالوث منحوس في دعواهم ، ف (عِنْدَ اللهِ) هي منزلة خاصة منقطعة النظير ، و «خالصة» هي الخلاص عن شريطة العمل الصالح ، والخلاص عن أي شوب من العقاب والخلاص عن شركاء ، و (مِنْ دُونِ النَّاسِ) اختصاص لهؤلاء الناس دون سائر