(وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً ... أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) (١٧ : ٩٢) (١).
ولان (أَمْ تُرِيدُونَ) تشمل أهل الكتاب والمشركين ، فالسؤال ـ إذا ـ يعمهما كما الأول للأولين والآخر للآخرين (٢).
ولقد آل أمر التسائل التجاهل لحد سألوا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ان يجعل لهم ذات أنواط كما كان للمشركين ذات أنواط ، وهي شجرة كان المشركون يعبدونها ويعلقون عليها التمر ، وكما سأل بنو إسرائيل موسى : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) كما وتطلّبوا منه (صلى الله عليه وآله وسلم) ألّا يكسر اللّات ـ مهما كسر سائر الأصنام ـ حتى يؤمنوا!.
وترى الخطاب في (أَمْ تُرِيدُونَ) تشمل ـ فيما شملت ـ المسلمين؟ اللهم نعم ، قضية الإطلاق ، ولكنه ـ فقط ـ لحد إرادة السؤال دون واقعة ، ثم اللهم لا ، في واقع السؤال ، حيث الايمان لا يلائم هكذا سؤال ، اللهم إلّا من المنافقين ، وكما في أضرابهم من الكتابيين.
(وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ) يقبل الكفر بدلا «بالايمان» في مسرح التبادل بين الكفر والايمان (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) تجارة خاسرة ، حاسرة عن أية عائدة.
__________________
(١). الدر المنثور ١ : ١٠٧ عن ابن عباس قال قال رافع بن حريملة ووهب بن زيد لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا محمد ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه او فجر لنا أنهارا نتبعك ونصدقك فأنزل الله في ذلك (أَمْ تُرِيدُونَ ...).
(٢) تفسير البرهان ١ : ١٤١ قال الامام العسكري (عليه السلام) قال علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) «أَمْ تُرِيدُونَ» بل تريدون يا كفار قريش واليهود «ان تسألوا رسولكم» ما تقترحونه من الآيات التي لا تعلمون فيه صلاحكم او فسادكم «كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ» واقترح عليه لما قيل له «لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً ...».