حاجيات ، ف «صامت الريح» إذا ركدت ، وصام الفرس إذا قام على غير اعتلاف ، وبكرة صائمة إذا قامت فلم تدر ، ومصامّ الشمس استواؤها في منتصف النهار ، وهكذا كل سكون عن حراك هي لزام الكائن هو صومه ، ولم يرد منه في القرآن إلّا صوم الإسلام ، وصوم الصمت في شرعة التوراة : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) (١٩ : ٢٦).
هذا! ولكنه لا يكفي تنظيرا لكلفة الصوم المفروض على المؤمنين في هذه الشرعة الأخيرة ، فان كلفة الكف عن مشتهيات البطن والفرج أكثر من كلفة الصمت ، ثم «صوما» دون «الصوم» قد تلمح أنه كان من صومهم الذي قد يفرض بنذر أمّا شابه ، أما أن صومهم محصور فيه فلا ، فليكن لهم صوم هو في كلفته كصومنا أو أكثر منه فإن شريعتنا سهلة سمحاء.
هذا ولكن تفريع «فلن أكلم اليوم» على الصوم لا يدل على اكثر من ان من صومهم ما فرض عليهم الصمت عن كلام البشر ، لا انه صوم خاص ، فقد يكون صوما فيه واجب الصمت عن كلام البشر كما الإمساك عن الأكل والشرب وما أشبه ، ولا يهون التكليف على أمة إلّا بما كلّفت أمم قبلها مثله أم زاد ، فلنفتش عن صيام الذين من قبلنا؟ فإليكم خاصرا غير حاصر من صيام العهدين :
«إنه كان من الطقوس المتعوّدة بين كافة المليين معمولا عندهم في البأساء والضراء غير المترقبة (يونس ٥ : ٣) ولقد صام موسى وإيليا والمسيح (عليهم السّلام) أربعين يوما (تث ٩ : ٩ ـ ١ ملوك ١٩ : ٨ مت ٤ : ٢) واليهود كانوا يصومون إظهارا للمسكنة وتخضعا عند الله واعترافا بخطاياهم وتوبة الى الله بغية مرضاة الله (داود ٢٠ : ٢٦ واسمو ٧ : ٦ و ٢ سمو ١٢ : ١٦ نح ٩ : ١ ـ ١ ، ٣٦ : ٩) ولا سيما عند المصائب كانوا يصومون ويصوّمون