إذا فالقول بالتداخل بالأمن بعد الإحصار مدخول فيه ، فحين يبقى الإحصار دون أمن فالهدي الأول ، وحين يأمن عن إحصار والوقت باق فهدي ثان بعد الأول ، وإذا لا إحصار إلّا الأمن الكامل الكافل لمناسكه كلها فثاني الهديين دون الأول.
هنا (فَمَنْ تَمَتَّعَ ...) نصّ في حج التمتع ، المفروض على النائين ، وكذلك كانت حجة الوداع وهي الحجة الأولى الإسلامية ، بادئة بتمتعها ، يدل على فضلها في فرضها على زميليها : القران والإفراد ـ وهما لمن كان أهله حاضري المسجد الحرام ، اللهم إلا لضرورة تسمح لانتقال التمتع الى الإفراد ، و «لمن» لمحة لذلك السماح ، التي قيدتها السنة بحالة الضرورة.
موقف سلبي حادّ للخليفة عمر في المتعتين
ولست أدري ما ذا يحمل ثاني الخليفتين على معارضة الكتاب والسنة بكل إصرار ، تحريما لمتعتي النساء والحج ، مهددا في الأولى بالرجم وكأنها زنا المحصن ، والثانية بالتعذيب وكأنها من الكبائر الأخرى.
ليس فحسب انه حرمهما بعد ارتحال الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وجلوسه على عرش الخلافة ، بل وقد سبق منه التنديد بالرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كيف يحلّل متعة الحج ، ففيما يخطب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حجة الوداع اعلاما عاما بسنّ متعة الحج وانها ثابتة الى يوم القيامة ، حين يجاوب السائل : أرأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا ام لكل عام ـ قائلا : لا بل لأبد لأبد ، فيقوم عمر قائلا : يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نخرج حجاجا ورؤوسنا تقطر؟ فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنك لن تؤمن بها أبدا (١) ، لقد جمع الخليفة هنا بين تفريط الجاهلية ـ إذ
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ١٨٦ في العلل عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال قال رسول الله (صلّى الله ـ