صمتم فاحفظوا ألسنتكم وغضوا ابصاركم ولا تنازعوا ولا تحاسدوا» (١) ف «إذا صمت فليصم معك سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ودع المراء وأذى الخادم وليكن عليك وقار الصيام ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرتك» (٢).
وثالث هو الصيام عن كل ما سوى الله ، دون اتجاه في الحياة كلها الى غير الله ، فالأول صيام المؤمنين البسطاء ، والثاني للأتقياء الوسطاء ، والثالث للأولياء والعرفاء ، فهم جامعون بين هذه الثلاثة ، فليكن المؤمن دائم الصيام في المرحلة الثانية ثم الثالثة ، مهما اختص فرض الصيام الأول برمضان.
(أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ١٨٤.
آية فرض الصيام فرضته ـ كضابطة ـ على الذين آمنوا دونما استثناء ولا بيان لأيامه المعدودات ، وهذه تستثني عن فرضه جماعة وعن السماح له آخرين ، إذا فهنا تكاليف ثلاثية في حقل الصوم ، وهو أيام معدودات هي في الآية التالية بين (شَهْرُ رَمَضانَ) كأصل ، وعدة من ايام أخر قضاء عما فات.
وقيلة القائل : إن أياما معدودات هي ثلاثة أيام من كل شهر ويوم عاشوراء فقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والمسلمون يصومونها ثم نزل (شَهْرُ رَمَضانَ ..) فنسخ ذلك واستقر الفرض على رمضان.
إنها غيلة وغائلة على شرعة القرآن! فإن (شَهْرُ رَمَضانَ) بيان ل (أَيَّاماً
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٩٤ والكافي ١ : ١٨٧.
(٢) الفقيه ٤ : ٦٨ والتهذيب ٤ : ١٩٤ والكافي ١ : ١٨٧.