(فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) ٢٠٠.
قضاء المناسك هو الانتهاء عنها كلها حيث لا يبقى منسك إلّا مقضيا ، فليس إلّا بعد ايام معدودات والطوافين والسعي بينهما ، ام هي أصول المناسك ـ إذا ـ ف «قضيتم» تقضي بوجوب الطواف والسعي قبل أيام التشريق لمكان (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ ..) بعد «قضيتم».
فقبل قضاء المناسك لا ذكر إلّا ذكر الله ، منحصرا في الله منحسرا عما سواه (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ) مع سائر الذكر التي تتطلبها حياتكم المتعودة حسب الحاجة.
(فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) لا أن تذكروهم ـ فقط ـ دون الله ، ولا دون ذكر الله ، بل لا أقل من ذكره (كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) في عديده ، لا في مادته وكيفه ومديده ، بل ذكر الله لأنه الله كما يحق لساحة قدسه ، وذكر الآباء كما يحق ساحة عبوديتهم ، دون إفراط هنا ولا تفريط هناك.
(أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) شدّا في عدّه ، وشدا في سؤال ، وفي شدا في حب حيث (الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) فهو ـ إذا ـ شدّ بكل معانيه ، في كل أسبابه ومغازيه ، مادة ومدة وعدّة وعدّة ، ودون اشراك بالله في ذكرهم فانه محظور مهما كان قليلا.
وقد يروى عن باقر العلوم (عليه السّلام) قوله على ضوء الآية ، انهم كانوا إذا فرغوا من الحج يجتمعون هناك ويعدون مفاخر آباءهم ومآثرهم ويذكرون ايامهم القديمة وأياديهم الجسيمة فأمرهم الله سبحانه ان يذكروه مكان ذكرهم آباءهم في هذا الموضع (أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) او يزيدوا على ذلك بان يذكروا نعم الله سبحانه ويعدوا آلائه ويشكروا نعمائه ، لأن آباءهم وإن كانت لهم عليهم أياد