ونعم ، فنعم الله سبحانه عليهم أعظم ، وأياديه عندهم أفخم ، ولأنه سبحانه المنعم بتلك المآثر والمفاخر على آباءهم وعليهم (١).
هنا (كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) بل و (أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) لا تعني ان يذكروا الآباء مع الله سوية أو ان الله أشد ذكرا ، كاشراك بالله ، وانما يحمل طابع التنديد بذكرهم آباءهم كأن لا إله يذكر ، ولئن تذكرون آباءكم لا كشركاء ، فليكن أقل من ذكر الله ف (اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) على أية حال ، في كل حلّ وترحال ، فما آباءكم أو أبناءكم إلّا من خلق الله ، وقد يحتمل (كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) ذكر الوحدانية ، فان الواحد منكم ان انتسب الى أبوين متشاكسين إستاء وذكر والده الواحد وان لم يكن به ، فاذكروا الله كذلك بوحدته استياء عن شركاء له ، فانه الخالق أحرى بوحدته من الوالد.
ثم (أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) هو تعريف في توحيده أكثر من الأب ، فأين وحدة من وحدة ، فالذكر هنا يحلّق على كل ذكر للآباء ، ذكرا لوحدتهم ، وذكرا لرحمتهم ، وذكرا لسؤددهم وذكرا لهم حين يغضبون او يرضون ، فلتغضب لغضب الله ولترض لرضاه كما لوالديك (أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً).
(فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ)
تخلّل هذه الجملة بين آيات المناسك هو بمناسبة انها انسب المواقف للدعاء ، فهذه تحمل أنحس دعاء ، والتالية أحسن دعاء وبينهما عوان ، كالذي
__________________
(١) في مجمع البيان «كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ» معناه ما روي عن أبي جعفر الباقر (عليهما السّلام) ... وفي تفسير العياشي عن زرارة عن أبي جعفر (عليهما السّلام) في الآية قال : كانت العرب إذا وقفوا بالمشعر يقولون : لا وأبيك لا وأبي فأمرهم الله أن يقولوا : لا والله وبلى والله. أقول وهذا في غير الجدال فانه ممنوع حالة الإحرام.