يخص دعاءه بحسنة الآخرة (١) ام يجمع بينهما حسنة فيها ودون قيد في الأولى ، ام يطلب حسنة الدنيا دون الآخرة أمّاهيه من دعاء عوان بين (مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا) ، ومن يقول : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ).
فلما قال الله (فَاذْكُرُوا اللهَ ..) شاملا لكل ذكر ودعاء ، ومنه تطلب الدنيا وأنت في عمل الآخرة ، ولأن من آداب الدعاء ان تكون بعد ذكر الله بربوبيته وذكر نفسك بعبوديتك وذنوبك ، تأتي (فَمِنَ النَّاسِ ..) تفريعا على (فَاذْكُرُوا اللهَ ..)
ويا له ترتيبا مثلثا رتيبا رفيقا ، ذكر المناسك ، ثم ذكر الله ثم الدعاء ، فلا بد في الدعاء من سعي قبلها ، ثم ذكر لله ينضجه ، ومن ثم الدعاء ، فالدعاء قبلهما فارغة مهما بلغت من الإصرار والتكرار.
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٢٣٣ ـ أخرج ابن أبي شيبة واحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابو يعلى وابن حبان وابن أبي حاتم في الشعب عن أنس ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عاد رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ المنتوف فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هل كنت تدعو الله بشيء؟ قال : نعم كنت أقول : اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا ، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : سبحان الله إذن لا تطيق ذلك ولا تستطيعه فهلا قلت : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ودعا له فشفاه الله.
ورواه الطبرسي في الإحتجاج عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آباءه عن الحسن بن علي عن أبيه (عليهم السّلام) قال : بينما رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جالس إذ سأل عن رجل من أصحابه فقالوا يا رسول الله انه قد صار في البلاد كهيئة الفرخ لا ريش عليه فأتاه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فإذا هو كهيئة الفرخ لا ريش عليه من شدة البلاء فقال له : قد كنت تدعو في صحتك دعاء؟ قال : نعم كنت أقول ...