كما ومن حسنة الدنيا الفقر دون الغنى التي تبعث الإنسان الى عيث الفساد ، وكل ما يقابل الحسنات الإيجابية المذكورة وما أشبهها ، إذا كانت في سلبيتها حسنة تحافظ على كيان الإيمان في الدنيا ، والرضوان في الآخرة.
فهي ـ إذا ـ أجمع دعاء وأجملها ، حيث تضم حسنة الحياة في ميزان الله ورضوانه على طول الخط ، فكل ما يصيب المؤمن بعد هذه الدعاء المستجابة هو حسنة مهما كانت سيئة في الظاهر ، وكما نرى الابتلاءات تترى على الصالحين الأمثل منهم فالأمثل ، وهي في الحق حسنة لهم في الأولى ، مهما كانت تؤلمهم ، فانما «حسنة» هي المعنية في ميزان الله دون أهوائنا ورغباتنا.
ثم (وَقِنا عَذابَ النَّارِ) تشمل النارين في الدنيا والآخرة ، كما شملت «حسنة» النورين فيهما ، فكما أن من نار الدنيا العمل السوء الذي هو نار في الآخرة ، كذلك مزيد النعم التي تغفله وتترفه فتورده موارد السوء.
وكذلك النقم بنفس القياس ، فالفقر الذي كاد أن يكون كفرا أمّا أشبه ، هو كذلك من نار الدنيا التي تؤجج نار الآخرة.
إذا فسؤل المؤمن وسؤاله منحصر في «حسنة» هنا وفي الآخرة ، منحسر عن كل سيئة تسيء حياته هنا ومن وراءها الآخرة.
ويا لها من دعاء عديمة النظير ، لحد يكررها البشير النذير على أية حال كخير دعاء ، ف كان أكثر دعاء يدعو بها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (١) وفي أقدس مكان «فيما بين الركن اليماني والحجر» (٢) ، هذه أفضل دعاء وتلك ارذلها وبينهما عوان ، ان تطلب ـ فقط ـ حسنة الدنيا دون
__________________
ـ الآخرة والسعة في الرزق والمعاش وحسن الخلق في الدنيا.
(١) الدر المنثور ١ : ٢٣٣ ـ أخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابو داود والنسائي وابو يعلى عن أنس قال : كان اكثر دعوة يدعو بها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اللهم ربنا ...