أجل وإنه ليست هناك مناهج عدة في مسلك الإيمان ، فللمؤمن ان يختار واحدا منها او يخلط بعضها ببعض ، بل هو منهج واحد هو الدخول بأقدام الإيمان في السلم كافة ، وما وراءه من خطوات الشيطان ، فليس هنا حلّ وسط ومنهج فيما بين ، ولذلك يقول الله عن مجرد الإيمان دون الإيمان المجرد (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ).
إنما هو حق واحد وباطل بمظاهر عدة ، خالصا ام خليطا بحق كلاهما من خطوات الشيطان ، هنا إسلام وجاهلية ، منهج الرحمان ومنهج الشيطان ، والله يأمر المؤمنين بالدخول في السلم كافة تركا لاتباع خطوات الشيطان وهو كلما وراء الإيمان ووراء دخول المؤمن في السلم كافة مهما كانت دركات كما الإيمان درجات.
فالله يستجيش مشاعر المؤمنين ، دخولا في السلم كافة ، ويستثير مخاوفهم قبل الدخول وبعده تذكيرا بعداء عارم للشيطان (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) ثم يخوفهم عاقبة الزلة بعد البيان :
(فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ٢٠٩.
(فَإِنْ زَلَلْتُمْ) عن الدخول في السلم ، ام بعد ما دخلتم فيه ، ام بعد كونه او كونكم كافة ، او «زللتم» بخطوة او خطى من خطوات الشيطان ، وكل ذلك (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ) فيما زللتم فيه ، فهنالك الطامة الكبرى فإنها زلة بعد الدّلة ودون علة إلّا عليلة (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ) ذو انتقام «حكيم» على نقمته ، وهنا نعرف ألا عقاب بعد زلة إلّا (بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ) فلا مجال لعقاب او عتاب قبل البيان ، ثم الحكمة الربانية بعد العزة هي الكافلة للغفران بعد الزلة والتوبة (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) عزة بحكمة وحكمة بعزة ، ليس يعذب من زل دون إبقاء ، ولا يبقيه دون عذاب ، فلكلّ مجاله الحكيم.