(بِغَيْرِ حِسابٍ) الإيمان واللاإيمان ، فلا يرزق فيها المؤمن بحساب إيمانه والا لاختص الرزق بالمؤمنين ، ولا يحرم الكافر بحساب كفره وإلّا حرم عنه الكافرين ، بل قد يعاكس امر الرزق هنا فانه ابتلاء (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ. وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ. وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) (٤٣ : ٣٥).
ثم (بِغَيْرِ حِسابٍ) في الآخرة هو ـ فقط ـ رزق المؤمنين فان الكافرين هناك لا رزق لهم إلّا الجحيم ، والمؤمن يرزق فيما يرزق دون ان يحاسب فيه بصالحاته ، بل عشرا ويزيد ، بل (فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ).
ذلك ، مهما كانت الأرزاق الروحية والمعرفية هناك ورضوان من الله ، هي كلها بحساب الصالحات ، كل على قدره بالنسبة لبعضهم البعض ، ولكنها ايضا ليست على أقدار الصالحات مثلا بمثل ، بل يزيد الله من فضله ما يشاء بغير حساب.
فكما «من يشاء» في الأخرى ليس فوضى جزاف بل هو بحساب الصالحات ، كذلك الرزق هنا بغير حساب لا يعني فوضى اللاحساب ، وانما فضله بعد عدله.
(كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ