لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) (٤١ : ٢٥).
فالشيطان يزين لهم الحياة الدنيا وأعمالهم فيها عداء وكما أوعد ، والرحمان يزين ويقيض لهم قرناء جزاء ، ثم الله يصد كيد الشيطان عن كتلة الإيمان على قدر الإيمان : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) (٧ : ٣٠٤) بل (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ).
(وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) حيث هم يخالفونهم في عشرة الحياة الدنيا ، ساخرين منهم انكم لستم على شيء من نعمة ربكم إذ نحن منها مزودون وأنتم مقلون ، ونحن نحظو حظوتها منها كاملة وأنتم تتزهدون فيها منفقين إياها ، ونحن وأنتم وأنتم ونحن من أمثال هذه الأقاويل الساخرة.
(وَالَّذِينَ اتَّقَوْا) من المؤمنين زهرة الحياة الدنيا هم (فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) فوق الذين كفروا ككل ، وفوق المؤمنين غير المتقين منهم.
ولأن الدار الآخرة هي دار القرار فالميزان في التفوق هو الفوقية يوم القيامة حيث يسخر فيه منهم كما سخر وامن المؤمنين ، وليس زائد الرزق هنا دليلا لفائق السودد والمنزلة للمتفوقين ، بل هو بلاء وعناء.
(وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) في الأولى والأخرى وهي أحرى ، وكيف يكون رزق بغير حساب ومقدار (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) ـ (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) (١٣ : ٤٠) ، فالآخرة دار حساب وكما سمّي بيوم الحساب ، وكذلك الأولى مهما اختلف حساب عن حساب؟.
(بِغَيْرِ حِسابٍ) في الأولى لا تعني الفوضى المطلقة اللّاحساب ، وانما