وسلّم) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ. إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ. وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٤٩ : ٢ ـ ٥) وتلك عشرة كاملة تحوم كلها حوم الكفر إلّا الأخيرة.
هذه هي موارد حبط الأعمال ، ويختلف حسب أقدارها مقادير الحبط ، فليس حبط الأعمال للمؤمن الذي لا يعقل فيجهر للرسول بالقول ، كالحبط لأعمال المكذبين بآيات الله.
وترى الحبط يتعلق بنفس العمل؟ وهو نفسه زائل بعد حصوله! أم بصورة العمل؟ وصورتها باقية ليوم يقوم الأشهاد! إنّما يتعلق بأثر العمل المقصود منه إسعاد الحياة في الدنيا والآخرة أم فيهما أم وتمحى صورته كسيرته ، فمثله مثل الماشية التي تأكل فتنتفخ حتى تتفسخ ، حيث القصد من الأكل هو بقاء الحياة ونضارتها ، وقد انعكس أمره إلى إبطال الحياة وخسارتها ، وهكذا يكون دور الأعمال للذين كفروا وكذبوا بآيات الله أمّن هو من الحابطة اعمالهم ، انعكاسا لأمر إسعادها للحيوة إلى إشقاءها وإفناءها.
فالذين ينادون الرسول من وراء الحجرات او يرفعون أصواتهم فوق صوت النبي تحبط ـ لأقل تقدير ـ نداءهم إياه ، زوالا لأثره الصالح إلى اثر طالح لمكان إساءة الأدب بساحة النبوة السامية.
ومن حبط الأعمال في الدنيا والآخرة ضنك المعيشة فيهما والعمى في الآخرة : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ..) (٢٠ : ١٢٧).