تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (٤ : ٣٠) ومنها التوبة والشفاعة كل بشروطها ، بل وقد تبدل سيئاتهم حسنات : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) (٢٥ : ٧٠) وإلى سائر الخصوصيات في إحباط حسنات وسيئات ، التي نجد بطيّات سائر الآيات.
وبالنتيجة لا تحابط بين الأعمال ككل ، وإنما ذلك تكفير حسب المسرود في القرآن ، والإنسان يلحقه الثواب والعقاب استحقاقا بمصدرهما ، معلقا على حالة الموت ، فان مات صالحا فصالح لما يستحقه ، وان مات طالحا فعليه ما عليه ، وحبط الأعمال بكفر وما أشبه يتحقق عند صدوره ويتحتم عند الموت على حالته الموجبة له ، ولا يختص الحبط بالصالحات بل والطالحات ايضا ، ولا بالأخروية فقط ، بل وبالدنيوية ايضا كما فصلناه من ذي قبل.
ثم الحبط دركات حسب دركات أسبابه ، فمن السيئات ما تحبط الأعمال في الدنيا والآخرة كالارتداد والتكذيب بآيات الله والخوض فيها عنادا ، كما من الحسنات ما تكفر سيئات كالإيمان والصلاة : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (١١ : ١١٥) والتوبة ، ومن المعاصي ما تحبط حسنات كالمشاقة مع الرسول وترك طاعته : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) (٤٧ : ٣٣). ومنها رفع الصوت فوق صوت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
ومنها ما ينقل حسنات من صاحبها الى غيره كالقاتل ظلما : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) (٥ : ٣٤) كما منها ما ينقل مثل سيئات الغير اليه لا عينها :