ونرى (١١) آية بين ال (٤٨) مكية والباقية مدنية ، محرّمة لها نصا أحيانا ونهيا اما شابه أخرى ، ومن الاول : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) (٧ : ٣٣) وهي من مكيات الإثم.
ثم الإثم ـ وهو كل يبطئ عن الثواب والخير ـ دركات بين كبيرة وعظيمة وما دونهما ، فكبائر الإثم ـ إذا ـ هي من كبائر المحرمات كما في مكية أخرى : (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ) (٤٢ : ٢٧).
ثم كما نرى الإشراك بالله إثما عظيما (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) (٤ : ٤٨) كذلك نرى الخمر والميسر فيهما إثم كبير ، مهما اختلف كبير عن عظيم ، ولكنهما قرينان ، مما يدل على بعد الحرمة في الخمر.
فلأن الخمر إثم دون ريب إذ تخمر العقل والصحة البدنية ، الواجب التكشف لسلامة الإنسان في جزئيه ، وتبطئ عن خيرات العقلية الإنسانية والإسلامية ككلّ ، بل هي «امالخبائث» (١) والآثام ، و «مفتاح كل شر» (٢) فهي ـ إذا ـ من رؤوس المحرمات المكية بصورة عامة وكما يروى عن
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٣٢٢ ـ اخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عثمان سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : اجتنبوا ام الخبائث فانه كان رجل فيمن قبلكم يتعبد ويعتزل النساء فعلقته امرأة غاوية فأرسلت إليه خادمها فقالت انا ندعوك لشهادة فدخل فطفقت كلما دخل عليها الباب أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة جالسة وعندها غلام وباطية فيها خمر فقالت : أنا لم أعدك لشهادة ولكن دعوتك لتقتل هذا الغلام أو تقع علي أو تشرب كأسا من هذا الخمر فان أبيت صحت وفضحتك فلما رأى أنه لا بد من ذلك قال اسقيني كأسا من هذا الخمر فسقته كأسا من الخمر ثم قال زيديني فلم يرم حتى وقع عليها وقتل النفس فاجتنبوا الخمر فانه والله لا يجتمع الايمان وإدمان الخمر في صدر رجل أبدا.
(٢) المصدر اخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله ـ