ولو ان منافع للناس في الخمر والميسر تجبر إثمهما ، فلما ذا بعد (فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) وكل إثم يعارض بمثله يسقط عن إثمه ، سواء أكان مثله محرما مثله ، ام واجبا كبيرا مثل كبره ، كأن يجبر الإنسان على أحد أمرين : فعل إثم او ترك واجب هما سيان ، حيث يسقطان عن الحرمة والوجوب ، إباحة مخيرة بينهما قضية حالة الاضطرار في الدوران بين محظورين متساويين متكافئين.
ثم وليست الخمر فقط هي المتخذة من العنب والتمر امّا شابه ، بل هي المتخذة من كل ما تتخذ منه أيّا كان وأيان ، دون اختصاص بالمتخذة منه زمن الوحي ، وقد حرّم في القرآن كل خمر وكل مسكر نصا (١) وكل اثم ولا سيما الكبير منه وأكبره الخمر ، فكل خمر مسكر وكل مسكر حرام وكما في متظافر الروايات على ضوء الآيات.
والخمر هي ما يخمر العقل روحيا انسانيا ، ويخمر الأعصاب جسديا حيوانيا ، فهي ـ إذا ـ تخمر الإنسان ككل وتنزله الى أسفل دركات البهيمية ،
__________________
ـ قال : فو الله ما صبر المهدي ان قال لي : صدقت يا رافضي.
وفي الوسائل ١٧ : ٢٣٧ ـ ٢ عن أبي جعفر (عليهما السّلام) قال : يأتي شارب الخمر يوم القيامة مسودا وجهه مدلعا لسانه يسيل لعابه على صدره وحق على الله ان يسقيه من طينة بئر خبال قال قلت : وما بئر خبال؟ قال : بئر يسيل فيها صديد الزناة.
وفيه ٢٤٤ ح ٢٥ في العلل بسند متصل عن المفضل بن عمر قال قلت لأبي عبد الله (عليه السّلام) لم حرّم الله الخمر؟ قال : حرم الله الخمر لفعلها وفسادها لأن مدمن الخمر تورثه الارتعاش وتذهب بنوره وتهدم مروته وتحمله ان يجسر على ارتكاب المحارم وسفك الدماء وركوب الزنا ولا يؤمن إذا سكر ان يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك ولا يزيد شاربها إلّا كل شر.
(١) فآية البقرة والمائدة نصان على تحريم الخمر ، وآية النحل تحرم كل سكر وآية النساء تحرم كل سكر.