فالقوي دون ريب ـ إذا ـ حرمة إنكاح غير المؤمنين المؤمنات ، وتختص حرمة نكاح غير المؤمنات بالمشركات ، مهما كان الأحوط تركه بالموحدات غير الكتابيات ، والجواز اقرب الى ظاهر «المشركات» فإنهن ـ فقط ـ الممنوعات هنا وتقيد بهن الكوافر في الممتحنة على تأمل ، ثم الداعي او الداعية الى النار يحرم إنكاحه ونكاحها بين المسلمين قضية الحكمة المنصوصة هنا لحرمة المشركين والمشركات (أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ).
ومهما كانت آية البقرة نازلة بشأن المشركات والوثنيات خاصة (١) ، فليست صيغة «المشركات» فيها ـ فقط ـ لرعاية شأن نزولها ، بل هي كضابطة في حرمة النكاح.
فان كانت الحرمة عامة بالنسبة لغير المسلمات ككل لكان صحيح التعبير عنهن «الكوافر» كما في الممتحنة ، فلتختص إذا حرمة نكاحهن بالمشركات منهن (حَتَّى يُؤْمِنَّ) فيجوز نكاح غير المشركة مبدئيا ما هي موحدة ، كتابية وسواها ، مهما صرحت المائدة ـ فقط ـ بالكتابية ، ولكن (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) الداخلات في الحل يوم نزول المائدة ، قد تلمح صارحة صارخة ان الخارجات عن الكوافر هن فقط «الكتابيات» فتبقى حرمة نكاح الكوافر على قوتها إلّا الكتابيات ، واما سائر الكوافر الموحدات غير المؤمنات ولا الكتابيات فهن باقيات تحت عموم التحريم ، أم هن عوان بين صريح التحريم والتحليل وعلّه أشبه حيث النص هنا يختص «المشركات» بالذكر ، وهي لا تشمل قطعا
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٢٥٦ ـ اخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن مقاتل بن حبان قال نزلت هذه الآية في أبي مرثد الغنوي استأذن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في عناق ان يتزوجها وكانت ذا حظ من الجمال وهي مشركة وابو مرثد يومئذ مسلم فقال يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) انها تعجبني فأنزل الله (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ ...).