عن حقل الإشراك أصدق مصاديق التحريم ، وليس خصوص الإشراك هنا دون عموم الكوافر بالذي يأتي حجة على الانحصار ، ما دامت آية الكوافر دليلا ثابتا على العموم.
هذا وقد يبقى «المشركين» هنا بخصوص اللفظ نصا وبعموم المعنى لغير المسلمين ككل تعليلا لحرمة إنكاحهم ب (أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) والدعوة المحظورة المخطورة هي المؤثرة في حقل النكاح وليست إلّا من الأزواج في الأغلبية المطلقة او الساحقة ، فان اتفقت مؤثرة من الزوجات غير المشركات ، كتابيات كن أم مسلمات ، نشبت إليهن حرمة النكاح ، حيث (أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) كعلة بارزة لحرمة إنكاح المشركين تسري الى سائر مواردها ، اضافة الى السبل المحظورة للكافرين على المؤمنين (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (٤ : ١٤) والولاية للزوج الكافر على المؤمنة سبيل ، وهذه سبيل اخرى لحرمة إنكاح الكفار إضافة ل (أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) فحتى لو لا الدعوة الى النار لكان إنكاح الكفار محظورا لمحظور السبيل ، فانما ذكر محظور الدعوة الى النار كأهم محظور ، وقضية الولاية هي تؤكّد المحظور.
وقد استثنت آية المائدة ـ فقط ـ (الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) كأبرز الحلّ في نكاح غير المشركات ، دون المحصنين من اهل الكتاب ، ومهما لم يدل عدم حل إنكاح المحصنين من الذين أوتوا الكتاب على حرمة إنكاحهم ، فقد تكفي آية نفي السبيل ، ثم اطلاق «المشركين» الشامل لمشركي اهل الكتاب ، دليلا على حرمة إنكاحهم المسلمات ، اضافة الى صريح السنة المتظافرة التي تختص حل المسلمات بالمسلمين ، وابرز من الكل آية الممتحنة (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ...) (١٠) فان «لهم» الراجع الى الكفار تعم الى المشركين الكتابيين.