غير قلب الرسول ، حيث الهدى القرآنية للناس هي كيانه منذ بعث.
ومن ثم لا يصح نزول القرآن المفصل جملة واحدة وان في قلب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأنه يحمل ناسخا ومنسوخا ، ويشمل أنباء مستجدة طول الزمن الرسالي ، فكيف يخبر عنها بصيغة الماضي ك (قَدْ سَمِعَ اللهُ ...) وما أشبه؟ ولو نزل تفصيله جملة واحدة لما (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) (٢٥ : ٣٢).
إذا فهو القرآن المحكم النازل عليه في ليلة مباركة هي ليلة القدر ، كما وأن صيغة الإنزال تلمح لدفعية النزول والتنزيل تدريجي : (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (١١ : ١). فلقد انزل على قلبه المنير محكم القرآن ومجمله بعد مبعثه بزهاء خمسين ليلة ، فكان يعرفه جملة ثم عرّفه ربه تفصيلا كما تدل عليه آية القيامة (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) (٧٥ : ١٦) وآية طه (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) (٢٠ : ١١٤) ولا يليق باي عاقل فضلا عن اعقل العالمين ان يحرك لسانه بالقرآن ويعجل به وماله أية معرفة به لا جملة ولا تفصيلا ، ثم آيتا حم والقدر تتجاوبان في نزول القرآن ـ هكذا ـ في ليلة القدر ، فالمعني من «شهر رمضان» كمنزل القرآن ، هنا هو ليلة القدر المتراوحة بين ـ ١٩ و ٢١ و ٢٣ ـ لأظهر تقدير وأكثره.
ولتفصيل أكثر يراجع تفسير حم والقدر ، ثم «رمضان» ليس فقط منزل القرآن ، بل هو حسب الأثر الثابت عن نبي القرآن ـ كذلك ـ منزل لصحف ابراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل المسيح (عليهم السّلام) (١).
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ١٨٩ عن وائلة بن الأسقع ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : ـ