ومن موانع اجابة الدعاء سوء الأدب فيها ، ان يطلب سؤاله دون ان يرضى بسواه ، ام يطلب عاجله دون آجله ، ف «لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل .. يقول قد دعوت ربكم فلم يستجب لي» (١).
والدعاء في محالها الصالحة هي مما تحرز مصلحة الإجابة ، فلولاها لما صلحت مهما كان هناك سؤال صالح في نفسه ، ولكنه لا يعطاه الا باستعطائه ، ومن مصلحة الدعاء أنها مخ العبادة لأنها انقطاع عن الأسباب المعسورة او غير الميسورة لصاحبها ، الى مسبب الأسباب.
فحتى لولا الإجابة فيها ، فهي صالحة في نفس ذاتها كسائر العبادات أم هي أحرى لأنها مخّها! وكما لا يحتم لك الجزاء هنا ـ الا قليلا ـ على سائر العبادات ، فبأحرى الدعاء وهي مخ العبادات ، فإنما نحن مؤتمرون في مختلف اشكال العبادة ، ثم الجزاء من الله بما وعده كما يشاء ومتى يشاء ، والمستجاب من الدعاء هنا ـ في الأكثر ـ هو دعاء الهداية ـ الصالحة ، وسائر ما ينفع في مزيد التقوى التي لا تقوى عليها إلّا بعون من الله ، وأكثر ما لا يستجاب هي من الأمور التي لا تنفعك في هواك ، ام يزيد في هواك ، ام لا ينفع لا في أولاك ولا أخراك ، فالله يعوضك عنها هنا او في الأخرى ما تحتاجه هدى ام علو درجة.
وهنا تتساقط قيلات على الدعاء ، انها انما تصلح في حق من لا يعلم
__________________
ـ ودعوتني في حاجة قضيتها لك ، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلا يدعو الله عبده المؤمن إلّا بيّن له إما ان يكون عجل له في الدنيا واما ان يكون ادّخر له في الآخرة فيقول المؤمن في ذلك المقام : يا ليته ..
(١) المصدر ١٩٦ ـ أخرج أحمد عن أنس ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : ...