تعمد البقاء على الجنابة لمن أجنب قبله ، وهو قادر على الطهارة فلا لروايات عدة مهما كانت معارضة ، وجملة القول هنا ان الآية تدل على جواز الدخول في الفجر مجنبا حالة المباشرة قبله بلحظة ، ولا دلالة آية او رواية على وجوب الدخول في الفجر على طهارة كبرى ، ولا على حرمة الدخول فيه مجنبا ، فانما تدل روايات متعارضة على حرمة البقاء على الجنابة عمدا حتى الفجر ، دون بطلان للصوم كلمة واحدة ، وانما القضاء ام الكفارة عقوبة ، ام لا كفارة ولا قضاء كما لا بطلان ، بل ولا حرمة كما في حديث الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
ومن الغريب المتعود في فقهنا حمل أمثال هذه على التقية ثم وفي معظمها النسبة الى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهي بعيدة كل البعد في روايات
__________________
ـ (عليه السّلام) عن رجل اجنب في شهر رمضان من اوّل الليل فأخر الغسل حتى يطلع الفجر؟ قال : يتم صومه ولا قضاء عليه (الاستبصار ٣ : ٨٥ والتهذيب ١ : ٤١١) وما رواه في صحيح ثان عن ابن القاسم انه سأل أبا عبد الله (عليه السّلام) عن رجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ثم يستيقظ ثم ينام قبل ان يغتسل؟ قال: لا بأس.
ومن طريق إخواننا ما في الدر المنثور ١ : ١٩٩ ـ أخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي عن عائشة قالت : قد كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من اهله ثم يغتسل ويصوم ، وفي إخراج آخر منهم وابو داود والترمذي عن ام سلمة أنها سئلت عن الرجل يصبح جنبا أيصوم؟ فقالت : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يصبح جنبا من جماع من غير احتلام في رمضان ثم يصوم ، واخرج مالك والشافعي ومسلم وابو داود والنسائي عن عائشة ان رجلا قال : يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إني أصبح جنبا وانا أريد الصيام؟ فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : وأنا أصبح جنبا وأريد الصيام فأغتسل وأصوم ذلك اليوم ، فقال الرجل انك لست مثلنا قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فغضب وقال : والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم وأعلمكم بما أتقى. أقول : هذه روايات ست ثلاث وثلاث ، تدل على ما دلت عليه الآية من جواز الجماع حتى الفجر ، وأما جواز البقاء على الجنابة فلا تدل عليه الآية مهما دلت عليه روايات منها ، ولكن تعارضها روايات أخرى من القسم الثاني :