الآية ، ومتعاركات في وهدتها الهوة!.
فما هو ـ إذا ـ (الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)؟
«الفجر» هنا هو فجر الشمس كبداية شقها الأفق المظلم برشحة من ضوءها ، والخيط الأبيض من الفجر المتبين من الخيط الأسود ، هو العمود الأفقي البادئ في الناحية الشرقية ، وكأنه وليد بن ظلمة الليل ، ويترائى عندئذ خيطان ، خيط الشمس المقبلة وخيط الليل المدبر ، فيعبر عن الملتقى بينهما بالخيطين ، فحتى يتبين بياض الصبح من سواد الليل هو المعني من الخيطين وإنما شبها بذلك لأن خيط الصبح يكون أول طلوعه مستدقا خافيا ، ويكون سواد الليل متقضيا مولّيا ، فهما جميعا ضعيفان ، إلّا ان هذا يزداد انتشارا وذاك يزداد استتارا.
و «الفجر فجران ، فأما الذي كأنه ذنب السرحان فانه لا يحل شيئا ولا يحرمه ، واما المستطيل الذي يأخذ الأفق فانه يحل الصلاة ويحرم الطعام» (١) ولذلك سمي الأول بالكاذب والآخر بالصادق.
(ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) وهنا (إِلَى اللَّيْلِ) دون غروب القرص تلمح كصراح انه لا يكفي الى الغروب ، إذ لا يصدق عنده ليل ، وانما هو بعد دقائق تزول فيها آثار النهار ، وعلى المروي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٢٠٠ عن ثوبان انه بلغه ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : ... وفيه عن طلق بن علي ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : كلوا واشربوا ولا يمنعكم الساطع المصعد وكلوا واشربوا حتى يعترض الأحمر.