وتلك الأهلة هي تقاويم قويمة قيمة للناس ككلّ مهما اختلف اعرافهم ومذاهبهم بالنسبة للسنين والحساب : (ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (١٠ : ٥) ، فالقمر في كتابي التكوين والتشريع مقياس لضبط الأوقات والتعرف إليها ، ولا اضبط منه لكل الناس دون حاجة الى وسائل مصطنعة خاصة ضبطا للأيام في غير المقياس القمري ، فويل للأكثرية الساحقة او المطلقة للدول الإسلامية التي تصبغت بالصبغة الاستعمارية حتى في تاريخهم إذ سنوها مسيحية رومية لا تشبه تاريخ الإسلام لا في سنيّة ولا في شهوره.
وهل تعني «الأهلة» هلال القمر الأوّل في كل شهر ـ فقط ـ لا ومختلف منازله بأشكاله المختلفة؟ قد يقال : نعم ، حيث الهلال هو بادئ بدء الظهور للقمر كالعرجون القديم ، من استهل الصبي إذا بكى عند الولادة او صاح ، ف «الأهلة» جمعا دون إفراد تعني أهلة القمر في مجموعة الشهور ، دون منازله في شهر.
وقد يقال : لا. حيث المواقيت للناس والحج ليست هي فقط بدايات الشهور ولا سيما الحج حيث الميقات له يوم عرفة والأضحى ثم ايام التشريق.
وعلّ الجمع اولى فانه أجمع ، فكما السؤال يتجه الى الأهلة لأوائل الشهور ، كذلك لكل ايام الشهور ، فالكل (هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) دون اختصاص بالأهلة الاولى دون الأخرى ، ومهما كان لكلّ منزل من منازل القمر او منازل له اسم خاص ، ولكن الاسم الجامع لها ، ولا سيما ضما الى الأهلة الاولى ، هو ـ بطبيعة الحال ـ «الأهلة» اللهم إلّا ليلة التمام فهو فيه القمر والهلال هو في اطلاق عام يشمل كل الحالات القوسية وغير التامة للقمر ، لأنه مقوس إلّا حالة النصف الدائري ، فهو قبلها وبعدها مقوس ، مهما اختلفت أهلته من حيث النعومة والضخامة ، والأهلة تشمل البدر للأغلبية ، فهي تعم كل حالات القمر البارزة بأسرها.