حيث الرسالة القدسية بسناد الكتاب والسنة هي مرجع كل التشاجرات «ثم» بعد تحكيمك حتى (لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ) مهما كان عليهم ، وحتى «يسلموا» لقضاءك «تسليما» طليقا رفيقا (١).
وإذا كانت هذه الثلاث وجاه رسول الله شروطا في واقع الإيمان بالله ، فبأحرى أن تكون شروطه وجاه حكم الله رجاحة الأصل على الفرع ، وفضيلة المرسل على الرسول.
ومما يستفاد من (لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى) أن الإيمان بالله وبشرعته لا يكفي ما لم يحكمّ رسول الله فيما شجر بينهم ، ف «وما اختلفتم فيه من شيء فردوه إلى الله» وذلك التحكيم إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يحصران مرجع
__________________
(١) في الدر المنثور ٢ : ١٨٠ عن أم سلمة قالت : خاصم الزبير رجلا الى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقضى للزبير فقال الرجل إنما قضى له لأنه ابن عمته فأنزل الله (فَلا وَرَبِّكَ ...).
وفيه أن عروة بن الزبير حدث عن الزبير بن العوام أنه خاصم رجلا من الأنصار قد شهد بدرا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الى رسول الله في شراج من الحرة كانا يسقيان به كلاهما النخل فقال الأنصاري سرح الماء يمر بي فأبي عليه فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اسق يا زبير ثم أرسل الماء الى جارك فغضب الأنصاري وقال يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن كان ابن عمتك فتلوّن وجه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثم قال : اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع الى الجدر ثم أرسل الماء الى جارك واسترعى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للزبير حقه وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قبل ذلك أشار على الزبير برأى أراد فيه السعة له وللأنصاري فلما احفظ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الأنصاري استرعى للزبير حقه في صريح الحكم فقال الزبير : ما أحب هذه الآية نزلت في ذلك (فَلا وَرَبِّكَ ..).
وفيه أخرج ابن المنذر عن جريح قال : لما نزلت هذه الآية قال الرجل الذي خاصم الزبير وكان من الأنصار : سلمت.