معارك التجربات المرة ، لتصبح الحياة الإيمانية حلوة.
فحين يكون المشهود عليه أوله غنيا قد تقتضي الأوضاع الاجتماعية مجاملة ، أو قد تثير غناه وتبطره النفس ضده فتحاول أن تشهد ضده ، أو يكون فقيرا تستغل ضعفه وفقره للشهادة عليه ، أو تشفق عليه فتشهد له معاونة لضعفه ، فالمشهد الإيماني يجنّد النفس تجاه هذه الملتويات والعقبات الكئودة أن الله هو الأولى وحقه أرعى ف (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى).
إن الحقّ بمرّه هو المحور في شرعة الله دون الهوى مهما خيّل إليك أنها حق رغم تخلفها عنه ، فالهوى صنوف شتّى هي خطوات للشيطان ، فحبّ الذات الأعمى هوى ، وحب الأهل ـ الأعمى ـ هوى ، والعطف على الفقير أو مضارته هوى ، ومجاملة الغني أو مضارته هوى ، وشنآن العدو في موقف الشهادة هوى ، كما وحب آخرين في موقفها هوى ، فلتكن الشهادة له أو عليه مجردة عن كل الأهواء على أية حال ، ناحية منحى الحق لله على أية حال.
تلك قوامية بالقسط شهادة لله ، وهو فوق العدل و «العدل أقل ما وضعت» (١) يا رب! ذلك ، ولأن القوامية بالقسط شهادة لله ولو على النفس
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٢٣٤ ـ أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : هذا في الشهادة فأقم الشهادة يا ابن آدم ولو على نفسك أو الوالدين والأقربين أو على ذي قرابتك وأشراف قومك فإنما الشهادة وليست للناس وإن الله تعالى رضي بالعدل لنفسه والاقساط والعدل ميزان الله في الأرض به يرد الله من الشديد على الضعيف ومن الصادق على الكاذب ومن المبطل على المحق وبالعدل يصدق الصادق ويكذب الكاذب ويرد المعتدي ويوبخه تعالى ربنا وتبارك وبالعدل يصلح الناس يا ابن آدم ان يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما يقول : الله أولى بغنيكم وفقيركم ولا يمنعك غنى غنيّ ولا فقر فقير أن تشهد عليه بما تعلم فإن ذلك من الحق وذكر لنا أن نبي الله موسى قال يا رب أي شيء وضعت في الأرض أقل؟ قال : «العدل أقل ما وضعت» أقول : ومن ثم الأكثر هو القسط والفضل.