والنفيس بحاجة الى كامل الإيمان وكافله في ذلك الحقل ، لذلك :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) ١٣٦.
أترى (الَّذِينَ آمَنُوا) هم ـ فقط ـ المؤمنون بهذه الرسالة السامية؟ وهم مؤمنون بما استجد أمرهم به (بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ)! وليست تعني «آمنوا» الثانية ـ فقط ـ مزيد الإيمان بنفس الرسالة ومقتضياتها ، فإن عبارته الصالحة «ازدادوا إيمانا»!
لذلك فقد تعني (الَّذِينَ آمَنُوا) كل من له إيمان مّا ببعض هذه فليؤمن بالكل (١) أم بكلها فليزدد إيمانا ، فهي تشمل عدّة الإيمان وعدّته ، استجاشة للسلوك في كل مسالك الإيمان ، دون جمود وركود على حاضره.
فعلى الذين آمنوا بالله أن يؤمنوا برسالة الله ، وعلى المؤمنين به وبرسالة له أن يؤمنوا بكل رسالاته دون تفريق بينها ، حيث الإيمان بكل رسالات الله هو لزام الإيمان برسالة من الله ، كما الإيمان بها هو لزام الإيمان بالله (٢).
__________________
(١) المصدر أخرج الثعلبي عن ابن عباس أن عبد الله بن سلام وأسد وأسيد ابني كعب وثعلبة بن قيس وسلاما ابن أخت عبد الله بن سلمة وسلمة ابن أخيه ويامين بن يامين أتوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقالوا يا رسول الله إنا نؤمن بك وبكتابك وموسى والتوراة وعزيز ونكفر بما سواه من الكتب والرسل فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بل آمنوا بالله ورسوله محمد وكتابه القرآن وبكل كتاب كان قبله فقالوا : لا نفعل فنزلت هذه الآية فآمنوا كلهم.
(٢) المصدر ـ أخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : يعني بذلك أهل الكتاب كان الله قد أخذ ميثاقهم في التوراة والإنجيل وأقروا على أنفسهم أن يؤمنوا بمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلما بعث الله رسوله دعاهم الى أن يؤمنوا بمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والقرآن وذكرهم الذي أخذ عليهم من الميثاق فمنهم من صدق النبي واتبعه ومنهم من كفر.