وهنا «رسوله» في حقل الإيمان الرسالي الأخير ليس إلّا الرسول الأخير ، والتعبير عنه ب «رسوله» كأنه هو ـ فقط ـ رسوله ، للتأشير الى أنه يحمل كل رسالة الله ، فإنه يحمل كل ما حملته رسل الله ولديه مزيد هو الخلود.
إذا ف (الْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ) هو القرآن العظيم ، ثم (الْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ) هو جنس كتابات السماء ، كما و «كتبه» تؤيد ذلك الشمول.
(وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) جمعا لذلك الكفر أو تفريقا (فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) حيث الكفر برسول أو كتاب واحد ومعه آياته الرسولية والرسالية ، ذلك كفر بكل رسل الله وكتاباته مهما تظاهر مدع للإيمان أنه ـ فقط ـ كافر ببعض ، وإن كان الكفر الطليق أكفر من غير الطليق ، ولكنهما مثل بعضهما البعض في الخروج عن الإيمان الطليق.
أجل وقضية الإيمان الصالح بالله الإيمان بالرسالة العامة الربانية لأنها قضية الرحمة الرحيمية ، ثم الإيمان بكل من حمل رسالة من الله حين يحمل معه آيته الرسالية ، ثم الإيمان بيوم الجزاء حيث الربانية الطليقة والرسالة الربانية دون جزاء هاوية خاوية.
إذا فأصول الإيمان هي سلسلة موصولة مع بعضها البعض لا تنفصل ، فإن كل سابقة من حلقاتها برهان لا مردّ له على كل لاحقة.
ذلك وفي واجهة أخرى ل (آمَنُوا آمِنُوا) استنهاض لكل من يحمل إيمانا أن يتوسع فيه ويحلق على كل أبعاده العرضية والطولية ، دونما إخلاد الى أرض واحدة في حقل الإيمان ، فعلى المؤمنين ككل أن يزدادوا إيمانا في عدّته وعدّته ، وفي باطنه الى ظاهره ، وفي كل مجالاته وجولاته : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) (٤٧ : ١٧) (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ