والتفرقة بين الله ورسله دركات ، منها ادعاء الإيمان بالله والكفر بكل رسالات الله ، ارتياحا عن عبء التكاليف الإلهية مع الحفاظ على الإيمان المدعى كما يدعيه المشركون والموحدون غير الكتابيين.
ومنها دعوى الإيمان بالله وبالبعض من رسالاته دون بعض ، تهودا أو تنصرا ، أم ـ وعوذا بالله ـ دعوى الإسلام ونكران سائر الرسالات أم بعضها الأخر.
ومنها الإيمان برسالة البعض ودعوى ألوهية بعض كمن يؤلّهون المسيح (عليه السّلام) تفريقا بين هذا الرسول وسائر الرسل في كيان الرسالة.
ومنها الإيمان بعصمة البعض منهم دون بعض تدنيسا لساحة الرسالة على المأثومين في زعمهم.
ومنها الإيمان بالله وكل رسالاته ، اقتساما لشرعته الى مفروضة ومرفوضة ، كمن يدعى الإسلام ثم يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض كسائر أهل الكتاب الكافرين بالبعض الذي يبشر بمجيء الرسول محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) (٢ : ٨٥) هذه وسائر التفرقات بين الله ورسله ، أو بين رسله ، أو بين رسالاته ، كلها من مخلّفات الكفر بالله ورسله مهما ادعوا الإيمان بالله أم وبرسله ، فكل كفر بوحدة الرسل فيما حمّلوه ووحدة الرسالة ، هو كفر بوحدانية الله ، وسوء تصور لقضيتها الرسالية الرسولية.
ولأن ذلك نفاق في الإيمان يشكّل خطرا عارما على بسطاء الإيمان ف (أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) وكما هم أهانوا سماحة الإيمان وأظلموا ساحته.