هؤلاء المنافقون في ادعاء الإيمان (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) بشق العصا شطرين أو أخذها من الجانبين ، وليس هنالك إلا كفر طليق أو ايمان طليق مهما اختلفت الدركات أو الدرجات.
ذلك ، وقد تجري هذه المنافقة لكل من لا يسلم وجهه لله ورسالته تماما ، كالمؤمن بهذه الرسالة والناكر لاستمراريتها في المعصومين من آل الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) شرط أن يكون مقصرا ، فأما القاصر فهو خارج عن أحكامه إلا في الإشراك بالله إذ لا قصور فيه.
وترى الكفر فيه حق وباطل ليكون (أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا)؟ الحق هنا لا يقابل الباطل ، وإنما تعني حاق الكفر وعمقه المتكامل فيه ، فحق الباطل هو حاقه وكامله دون إبقاء.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) ١٥٢.
هؤلاء الأكارم يعاكسون أمر الإيمان وجاه المنافقين فيه حيث لم يفرقوا أي تفريق في حلقات الإيمان ومتعلّقاته (أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ) فإذا تسرب منهم لمم من ذلك التفريق (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) يغفر من يستغفره ويرحم من يسترحمه.
(يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً) ١٥٣.
ذلك السؤال العضال نجده في المشركين : (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) (١٧ : ٩٣) واليهود : (فَقالُوا أَرِنَا اللهَ