لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) فقد كان رفع الطور فوقهم مسرحا لإيثاق الميثاق الغليظ عليهم أن (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (٢ : ٦٤) (... خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا) (٢ : ٩٣).
(فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) ١٥٥.
لقد نقضوا ميثاقهم على معاهدة شرعة الله وكفروا ـ إذا ـ بآيات الله ، وقتلوا أنبياء الله وقالوا ـ لما ندد بهم ووعظوا ـ قلوبنا غلف : لا تعي ما توعون (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) طبعا بعد انطباعها بما زاغوا (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) (١) (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) منهم ، أو وقليلا من الإيمان ، فالمؤمنون منهم قلة ، وإيمان القلة منهم قلة ، اللهم إلا الأقلون كما قال الله عنهم (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (٧ : ١٥٩).
وإنهم أولاء الحاضرين في ذلك الخطاب «لم يقتلوا الأنبياء وإنما قتلهم أجدادهم فرضي هؤلاء بذلك فألزمهم الله القتل بفعل أجدادهم فكذلك من رضي بفعل فقد لزمه وإن لم يفعله» (٢).
(وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً) ١٥٦.
فقد بهتوها بالزنا وبذلك كفروا حيث أخرجوا بذلك المسيح
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٢٣٨ ـ أخرج البزار والبيهقي في الشعب وشعفه عن ابن عمر عن النبي ؛ (صلّى الله عليه وآله سلّم) قال : الطابع معلق بقائمة العرش فإذا انتهك الحرمة وعمل بالمعاصي واجترئ على الله بعث الله الطابع فطبع على قلبه فلا يقبل بعد ذلك شيئا.
(٢) نور الثقلين ١ : ٥٦٨ في تفسير علي بن إبراهيم قال : هؤلاء ..