وهذه هي الحرب الأولى بعد الهجرة بين الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) والمشركين ، وقد كسرت سواعدهم وبترت عوائدهم ، وذلك بعد مكاتبة بين أبي جهل والرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) مما يدل على مدى تخوف آباء الجهالات بعد هجرة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين ، ومما أجابه الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم): «إن أبا جهل بالمكاره والعطب يتهددني ورب العالمين بالنصر والظفر يعدني».
ذلك ، وإلى هامة المسارح لبدر حسب ما يقصه القرآن :
(إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١٠).
إنها المعركة التي دارت بأمر الله ، شاخصة بحركاتها وخطراتها من خلال هذه الآيات المصورة المتحركة المحيية للمشهد الذي كان كأنه هو الآن ، ولندرسها في كل زمان كأنها ماثلة بين أعيننا آنا بعد آن.
وعلّ الإستغاثة هنا من كلا الغوث والغيث ، فأغاثهم بألف من الملائكة ، وأغاثهم من السماء ماء ، فقد استغاثوا ربهم في حالة الخطر الناجم الهاجم ، بهالة الإيمان القائم بما وعد الله ، وكان الإمداد بألف من الملائكة مردفين ، حيث يخيل إلى المشركين أن قد واجههم أكثر منهم عديدا ومديدا فخافوا على شوكتهم وشائكتهم ضد المؤمنين.
__________________
ـ علي بن أبي طالب (عليه السلام) وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة وكانت الإبل في جيش رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) سبعين بعيرا والخيل فرسين فرس للمقداد بن الأسود وفرس لمرثد بن أبي مرثد وكان معهم من السلاح ستة أدرع وثمانية سيوف وجمع من استشهد يومئذ أربعة عشر ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار وكان المشركون ألفا وخيلهم مائة فرس وكان حرب بدر أوّل مشهد شهده رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم).