ماء ووعدهم النصر ، وزاد في تثبيتهم بما أوحي للملائكة المردفين أن «ثبتوا (الَّذِينَ آمَنُوا).
وترى كيف ثبتهم الملائكة وهم لا يرونهم ولا يسمعونهم؟ «إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون. نحن أولياءكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة» (٤١ : ٣١).
ذلك ، وبأحرى في مسرح بدر الذي هو مصرح الإيمان المنقطع النظير ، فقد يكون تنزلهم عليهم يوم بدر متميزا عن سائر تنزلهم على سائر المستقيمين من المؤمنين ، أن تحولوا إلى صور الآدميين وتحدثوا معهم كما يحدث بعضهم بعضا وهم عارفون أنهم من ملائكة الله المردفين.
وحين يلقي الشيطان بأوليائه في قلوب أولياءه الشياطين ما يضلهم ، فبأحرى أن يلقي الرحمن بنفسه وبملائكته في قلوب أولياءه المؤمنين ما يهديهم.
ثم إن (سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) فطمأنة قلوب المؤمنين على قلتهم ، وتمكن الرعب في قلوب الذين كفروا على كثرتهم ، هما من الملابسات المعبّدة لتغلّب الأولين على الآخرين ، وإذا : «فأضربوا» أنتم المؤمنين (فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ).
ولماذا هنا (فَوْقَ الْأَعْناقِ) دون الرؤوس؟ علّه لأنهم ما كانت لهم رؤوس إنسانية بما كفروا ، فاستبدل بالرؤوس (فَوْقَ الْأَعْناقِ) ، وعلّه يعني بما عناه من ب (فَوْقَ الْأَعْناقِ) فوق أعناق المشركين إذ لم يكونوا عنقا واحدا ، ففوق الأعناق هم الأعناق الفوقية بينهم ، فهم رؤوس الكفر والضلال وكما قتل منهم كبار الأعناق بيد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) والمؤمنين.
ثم (وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ) قد تعني إلى بنان الأيدي والأرجل وما أشبه بنان مختلف الأيادي ، أن اضربوا ـ بما تضربون فوق الأعناق ـ كل