(إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) هنا في بدر ، كبادرة للفتح المبين وأنتم أذلة وقلة ف (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) وسوف يأتيكم ـ بأحرى ـ بعد ردح إذا كنتم كما أنتم وبأحرى وأقوى ، فقد تشمل (جاءَكُمُ الْفَتْحُ) الفتح المستقبل إلى الماضي قضية تحقق وقوعه بما وعد الله.
ثم تحول الخطاب إلى الفرق الآخر (وَإِنْ تَنْتَهُوا) أم وقد يشمل المؤمنين (إِنْ تَنْتَهُوا) عما لا يليق بالمؤمنين (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) أو «تنتهوا» عن استعجال الفتح المبين حيث يأتي الله لكم حتى حين (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (وَإِنْ تَعُودُوا) لهذه الحالة والهالة الإيمانية التي اقتضت غلبكم عليهم «نعد» إلى نصركم ، ولكن اعلموا أنه : (وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ) لو لا واقع الإيمان ، كما لم تغن يوم أحد حيث تركتم المواقع المقررة لكم طمعا في الغنيمة ، وعلى أية حال (وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) قدر إيمانهم.
وما أجمله جمعا بين الخطابين بمثنى الاستفتاحين المتعاكسين ، ثم (وَإِنْ تَنْتَهُوا) أنتم المشركين عما أنتم عليه (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) توبة إلى الله أم تركا لمحاربة المؤمنين بالله ، (وَإِنْ تَعُودُوا) إلى تلك المحاربة «نعد» إلى ذلك الاستفتاح ، واعلم أن (لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ) عدّة وعدّة عن الله «شيئا» ما دام الله مع المؤمنين (وَلَوْ كَثُرَتْ) كما كثرت (وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ).
أم (إِنْ تَنْتَهُوا) أنتم المؤمنين عن القتال استفزازا للكفار ، أم عن الاستفتاح العاجل ، أم عما لا يليق بالمؤمنين (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (وَإِنْ تَعُودُوا) إلى صالح الإيمان «نعد» إلى الفتح لصالح الأمان ، واعلموا أنه (لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً) إن كانت لكم فئة (وَلَوْ كَثُرَتْ) لو لم يكن الله ناصركم (وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ).
فقد حملت الآية نذارة للكافرين وبشارة للمؤمنين دونما اختصاص في خطابها فريقا دون آخرين ، قضية أدب اللفظ وحدب المعنى.