(ذلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ)(١٨).
«ذلكم» الله ربكم إن تنصروه ينصركم ، و «ذلكم» الغلب الخارق لمألوف الحروب هو من بلاءه الحسن «ذلكم» فاعتبروا يا أولي الأبصار (وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ) كما أوهنه ب «ذلكم» الرمية والقتلة.
(إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ)(١٩).
وهل المخاطبون هنا هم المشركون حيث استفتح أبو جهلهم بقوله : «اللهم ربنا ديننا القديم ودين محمد الحديث فأي الدينين كان أحب إليك وأرضى عندك فانصر أهله اليوم» فقد جاءكم الفتح ، حيث فتح عليكم للمؤمنين لأنهم أحب إليه وأرضى عنده.
جاءكم الفتح المرضي عند الله لصالح الأحب إلى الله والأرضى ، فجعل الدائرة عليكم تحقيقا لاستفتاحكم ، فعليكم ـ إذا ـ أن تنتهوا عن غيكم وجهلكم إلى رشدكم إيمانا بهذه الرسالة السامية ، (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) وما أنتم عليه شرّ لكم.
(وَإِنْ تَعُودُوا) إلى غيكم ومحاربة المؤمنين «نعد» إلى نصرهم وهزيمتكم (وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ) عدّة وعدّة (شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ) كما لم تغن عنكم يوم بدر (وَأَنَّ اللهَ) على أية حال (مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) ما داموا معه ، فالمعركة ـ إذا ـ بين الفريقين غير مكافئة حيث المؤمنون ـ ومعهم الله ـ هم منتصرون دائما ، والكافرون منهزمون كذلك ، معركة مقررة المصير ، إلا عند تخلف المؤمنين عن المسير ، إذا فمصيرهم مصير من سواهم بسجال الحرب.
ذلك ، وإلى واجهة أخرى علّها معنية مع الأولى : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا) أنتم المؤمنين فتح الفتوح ، رجوعا إلى العاصمة الرسالية ، وكما كانوا يستفتحون منذ الهجرة : (وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (٦١ : ١٣).