اللهم إلّا إذا تجرد الاعتداء بالمثل عن ظاهرة الخيانة (١).
فحين يخونك من ائتمنته على مال ليس لك أن تخونه فيما أئتمنك على مثله من مال ، اللهم إلّا أن تعلن له أن هذا بهذا أم تنويه ، دون أن تنكر أمانته كما أنكر هو أمانتك.
فهنا مال بديل مال ، إذا لم يردّ عليك المؤتمن فلا ترد عليه ما ائتمنه عندك ، وأما أن تنكر أمانته كما أنكر أمانتك بحلف وسواه ، فلا يبرره شيء ، إنما المبرّر استنقاذ حقك المهدور قدر المقدور دون تعد آخر عليه.
ذلك ، وبنظرة أخرى إلى الآية قد تعني (وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) إضافة إلى الحال ـ الماضية ـ و «أن تخونوا» اعتبارا بثالث ثلاثة من موارد النهي ، خيانة الله والرسول وخياناتكم فيما بينكم ، فخيانة الله الخاصة هي خيانة آياته التكوينية والتشريعية ، وخيانة الرسول هي خيانته في سنته ، وهما أيضا من خياناتكم أنفسكم ، ثم خيانة بعضكم بعضها أم خيانة أنفسكم وهما أيضا من خيانة الله ، ثم الخيانات التي تعود بأخطارها وأضرارها إلى المجموعة المؤمنة هي مثلث الخيانة.
ثم (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنها خيانات و «تعلمون» أنها محرمات و «تعلمون» آثارها السيئة بنكبات ، و «تعلمون» واجب الحفاظ على الأمانات ف (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) (٤ : ٥٤). كما (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أن خيانة الله والرسول هي خيانة أنفسكم كما وخيانة أنفسكم هي خيانة الله والرسول.
(وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)(٢٨).
(أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ) في خيرهما وشرهما ، بكثرتهما وقلتهما وعلى
__________________
ـ (عليه السلام) عن رجل وقع لي عنده مال وكابرني عليه وحلف ثم وقع له عندي مال فأخذه مكان مالي الذي أخذه وأجحده وأحلف عليه كما صنع؟ فقال : إن خانك فلا تخنه فلا تدخل فيما عبته عليه.
(١) المصدر عن أبي بكر الحضرمي قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : رجل كان له ـ