عن المنافق قضية عناده ، فما خطاب الإيمان للمنافقين مع سائر المؤمنين إلّا بشامل الإقرار باللسان إيمان النفاق ، وكما في التكاليف العامة للمقرين ككل حيث تشمل المنافقين إلى الموافقين.
ولأن أصل الخيانة ليس إلا من منافق ثم من ضعفاء الإيمان قد شملها الخطاب.
هذا وخيانة الأمانة هي بصورة عامة محظورة ، فحتى إذا كانت خيانة بديلة خيانة (١).
__________________
ـ فقالت : إنه ليصلي ويصوم ويغتسل من الجنابة فبعث إليه فأتاه فقال يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) والله اني لأصلي وأصوم واغتسل من الجنابة وإنما نهت إلى النساء والصبيان فوقعت لهم ما زالت في قلبي حتى عرفت أني خنت الله ورسوله.
وفيه أخرج ابن مردويه عن عكرمة قال لما كان شأن بني قريظة بعث إليهم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) عليا رضي الله عنه فيمن كان عنده من الناس فلما انتهى إليهم وقعوا في رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وجاء جبريل (عليه السلام) إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) على فرس أبلق فقالت عائشة فلكأني أنظر إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) مسح الغبار عن وجه جبريل (عليه السلام) فقلت : هذا دحية يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)؟ قال : هذا جبريل ، فقال يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ما يمنعك من بني قريظة أن تأتيهم فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) فكيف لي بحصنهم؟ فقال جبريل (عليه السلام) إني أدخل فرسي هذا عليهم فركب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) فرسا معرورا فلما رآه علي رضي الله عنه قال يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) لا عليك أن لا تأتيهم فإنهم يشتمونك ، فقال : كلّا إنها ستكون تحية فأتاهم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) فقال : يا إخوة القردة والخنازير ، فقالوا : يا أبا القاسم ما كنت فحاشا ، فقالوا : لا ننزل على حكم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) ولكننا ننزل على حكم سعد بن معاذ فنزلوا فحكم فيهم أن تقتل مقاتليهم وتسبي ذراريهم ، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) : بذلك طرقني الملك سحرا فنزل فيهم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) نزلت في أبي لبابة أشار إلى بني قريظة حين قالوا : ننزل على حكم سعد بن معاذ : لا تفعلوا أمانة الذبح وأشار بيده إلى حلقه.
(١) نور الثقلين ٢ : ١٤٤ عن الكافي عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله ـ