الأمانتين ، إلى سائر الأمانات الربانية المعنية بآية الأمانة (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (٣٣ : ٧٢).
ذلك (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) (٨ : ٧١) هي الأخرى الدالة على الأمانتين الربانية والرسالية.
ذلك ، وجزم «تخونوا» قد ينحّي احتمال حاليتها فإن قضيتها «وتخونون» فقد تعني الواو أصل العطف وعامل الجزم محذوف معروف من (لا تَخُونُوا اللهَ) حيث تعني «ولا تخونوا أماناتكم» كضابطة ناهية عن خيانة الأمانات كلها ، وهي ـ قضية الإضافة ـ تضم الأمانات الربانية عندكم ـ كأصل ـ وأمانات بعضكم عند بعض ، وقد يعني الجمع من العاطفة ـ كأصل ـ والحالية كفرع عليه ، والجزم هو قضية الأصل.
ولقد حصلت خيانات من المنافقين (١) والبعض من بسطاء المؤمنين بحق الله والرسول ، فعفى الله عمن استعفى كأبي لبابة (٢) ولم يكن ليعفوا
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ١٧٥ ـ أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن جابر بن عبد الله أن أبا سفيان خرج من مكة فأتى جبريل إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) فقال : إن أبا سفيان بمكان كذا وكذا فأخرجوا إليه واكتموا فكتب رجل من المنافقين إلى أبي سفيان أن محمدا (صلّى الله عليه وآله وسلم) يريدكم فخذوا حذركم فأنزل الله (لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ).
(٢) المصدر أخرج سنيد وابن جرير عن الزهري في الآية قال : نزلت في أبي لبابة بعثة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) فأشار إلى حلقه أنه الذبح فقال أبو لبابة لا والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب علي فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما ولا شرابا حتى خر مغشيا عليه ثم تاب الله عليه فقيل له يا أبا لبابة قد تيب عليك ، قال : لا والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) هو الذي يحلني فجاءه فحلّه بيده.
وفيه أخرج عبد بن حميد عن الكلبي أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) بعث أبا لبابة إلى قريظة وكان حليفا لهم فأومأ بيده أي الذبح فأنزل الله هذه الآية فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) لامرأة أبي لبابة : أيصلي ويصوم ويغتسل من الجنابة؟ ـ