حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) (٢٩ : ٦٧) فآواهم الله بالإسلام ، ثم آوى المهاجرين إلى المأمن المدني (١) ومن أشد الاستضعاف لقبيل الإيمان ما حصل في العهد المكي بشعب أبي طالب حيث كانوا حاسرين عن كل متطلبات الحرية والحياة محصورين عن تحري الواجبات ، وذلك مشهد من التربص الوجل الوحل ، حتى لتكاد العين تبصر بالسمات الخائفة والأيدي الممتدة الخاطفة ، والقلة المستضعفة المسلمة في ارتقاب وتوجّس ، ومن هذا المشهد الحرج المرج الهرج إلى مشهد الإيواء والتأييد والنصر ورزق الطيبات في ظل الضيافة والإضافة الربانية العطيفة الحفيفة.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(٢٧).
هنا (وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) كأنها حال من (لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) ف «أماناتكم» الربانية تحلّق على الفطرية والعقلية وسائر الآيات الأمانات أنفسية وآفاقية وأهمها منشور ولاية الله وهو كتاب الله ، ثم امانة الرسالة والولاية (٢) ثم «أماناتكم» الرسولية والرسالية هي التي يأتمنكم الرسول إياها بأمر الله في سنته ، فكما انفصلت طاعة الله عن طاعة الرسول في صيغة التعبير اعتبارا بالكتاب والسنة ، كذلك خيانة الله والرسول في هاتين
__________________
ـ عباس عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) في الآية قيل يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ومن الناس؟ قال : أهل فارس.
(١) المصدر أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدى في قوله : (فآواكم) قال : إلى الأنصار بالمدينة (وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ) قال : يوم بدر.
(٢) في ملحقات إحقاق الحق ١٤ : ٥٦٤ عن الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ١ : ٢٠٥ في العتيق روى عن يونس بن بكار عن أبيه عن جعفر بن محمد بن علي في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) ـ في آل محمد ـ (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).