الغرور :
(وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)(٣٣).
فكون الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) فيهم ـ رغم أنهم ناكروه ـ إنه صيانة لهم عن عذاب الله مقترحا وسواه ، وصيانة أخرى على طول الخط ـ كان فيهم الرسول أم لم يكن فيهم ـ (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ف «ليعذبهم» محطّ لسلب محدّد ب (وَأَنْتَ فِيهِمْ) ولكن «معذبهم» سلب طليق (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) سواء أكنت «أنت فيهم» أم لم تكن.
فتلك هي الرحمة المحمدية العالمية أن الله لا يعذب الكافرين به ما هو فيهم ، ثم يتوب عن ذلك (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) فقد «كان في الأرض أمانان من عذاب الله سبحانه فرفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسكوا به ، أما الأمان الذي رفع فهو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأما الأمان الباقي فالاستغفار» (١) فقد كان مماته إلى حياته خيرا لنا (٢) لهذين الأمانين.
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ١٥٣ وحكى أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) أنه قال : كان قال الله جلّ من قائل (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ).
(٢) المصدر ١٥١ في روضته الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): إن لكم في حياتي خيرا وفي مماتي خيرا ، قال : فقيل يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أما حياتك فقد علمنا فما لنا في وفاتك؟ فقال : أما في حياتي فإن الله عزّ وجلّ يقول : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم : وأما في مماتي فتعرض علي أعمالكم فاستغفر لكم.
وفي الدر المنثور ٣ : ١٨١ ـ أخرج الترمذي عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): أنزل الله علي أمانين لأمتي (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة.
وفيه ١٨٢ ـ أخرج أحمد والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): إن الشيطان قال : وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، قال الرب : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني ، وفيه عنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال : من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقة من حيث لا يحتسب.