الصابرة فيهم أنفسهم.
فآية العشرين ـ إذا ـ برزخ بين كونها منسوخة وثابتة ، فليست منسوخة بمعنى النسخ المصطلح حيث قد تفرض الملابسات الحربية والإعدادات والاستعدادات الإيمانية واجب غلبة المعشار من المؤمنين على الكافرين ، ولا ثابتة على أية حال حيث سمح للنقلة إلى الصف حين يضعف المؤمنون في إيمانهم وصبرهم وفقههم رغم واجب الاستمرار في مثلث : الإيمان الفقيه الصابر.
(ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٦٧).
«ما كان» هنا كما فيما أشبه تضرب إلى أعماق الماضي الرسالي (أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى) يأسرهم (حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) إغلاظا على العدو وسيطرة عليه : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) (٤٧ : ٤).
فليس التكليف إذا رسوليا ـ فحسب ـ بل هو رسالي موجّه إلى كافة القيادات الحربية والقوات المسلحة الإسلامية ، ألا يأسروا من عدوهم حتى يثخنوا في أرض المعركة ، ويذلوا العدو ، فهنا لهم أن يكون لهم أسرى ، فالأسر قبل الغلبة ممنوع بأسره ، وهو بعدها أسر بحصر علامة الغلبة ، وتقليلا من قوات العدو ، ولكنه قبلها اشتغال عن أصل الحرب فاشتغال للعدو وأكثر بها.
ذلك ، فأما الذين يريدون عرض الدنيا العارض المعترض ، فهم عاجلون في الآجل ، فيأسرون استرقاقا وغنما قبل وصوله أجله ، وفيه فت لعضد الحرب وثلّم في صميم التصميم عليها ، اشتغالا بأسرى وغنائم قد ينحي إلى أسرهم أنفسهم بحصرهم وغلبهم بعد ما غلبوا شيئا يسيرا دونما إثخان للعدو في أرض المعركة.
«تريدون» أنتم المستعجلون لأخذ الأسرى قبل أوانه ، «عرض