ومصالحهم ، ركونا إلى أيسر وسائلهم في مسائلهم.
فالقرآن يواجه هذه المشاعر بملابساتها الملبّسة على أصحابها ، والتعلّات والمخاوف المحلقة عليها ، استجاشة لقلوب المؤمنين بذكريات وأحداث ورغبات صالحة ، تذكرة بنقض المشركين عهودهم بعد إبرامها وسائر ما افتعلوه بحق الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) والذين معه.
وهنا سرد مختصر غير محتصر لثالوث أئمة الكفر : (نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) ـ (وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ) (وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) وكل واحدة من هذه الثلاثة تكفي في فرض قتالهم فضلا عن الثالوث كله.
و (أَلا تُقاتِلُونَ) استفهام إنكاري ممن يتهاون ولا يتعاون في قتال هؤلاء الناكثين البادئين في الحرب وقد (هَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ) مما يدل على مدى تعرق الكفر في نفوسهم النحيسة البئيسة.
١ (نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) مع الرسول ـ كما هو شيمتهم الشنيعة ـ : نقضا لعهد الحديبية ف «إن بني بكر الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم وثبوا على خزاعة الذين دخلوا في عقد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعهده ليلا فقاتلوهم للضغن على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» (١) وكان (صلّى الله عليه وآله وسلم) قد قبل من
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢١٥ ـ أخرج ابن إسحاق والبيهقي في الدلائل عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة قالا : كان في صلح رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يوم الحديبية بينه وبين قريش أن من شاء أن يدخل في عقد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وعهده دخل فيه ومن شاء أن يدخل في عهد قريش وعقدهم دخل فيه فتواثبت خزاعة فقالوا : ندخل في عقد محمد وعهده ، وتواثبت بنو بكر فقالوا : ندخل في عقد قريش وعهدهم فمكثوا في تلك المداهنة نحو السبعة عشر أو الثمانية عشر شهرا ثم إن بني بكر الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم وثبوا على خزاعة الذين دخلوا في عقد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وعهده ليلا بماء لهم يقال له الوتير قريب مكة فقالت قريش : ما يعلم بنا محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) وهذا الليل وما يرانا أحد فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح فقاتلوهم معهم للضغن على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وركب عمر وابن سالم عند ما كان من أمر خزاعة وبني بكر بالوتير حتى قدم ـ