فيها هو بأحرى من قضاياه ، حيث القصد من بنيان المسجد أن يسجد فيه دون بنيان هو خراب عن الحضور للصلاة.
وهنا قرن عمارة مساجد الله بما قرن دليلنا أن مساجد الله لا تصلح إلّا للعبادة لا سواها من أشغال الدنيا وكما يروى عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): «يأتي في آخر الزمان أناس من أمتي يأتون المساجد يقعدون فيها حلقا ذكرهم الدنيا وحب الدنيا ، لا تجالسوهم فليس لله بهم حاجة» (١).
ولأن (مَساجِدَ اللهِ) هي محال الخضوع والسجود لله فلا تزخرف بما تجلب الأنظار ، وكما يروى عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قوله : «ما أمرت بتشييد المساجد»(٢).
ولا تعني عمارة المساجد في بنيانها ـ فقط ـ إصلاح ما أشرف منها على خراب ، بل وبأحرى أصل عمارها وهذا فرع عليه تشمله عمارة المسجد.
وهنا (لَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ) قد تعني الخشية في العبادة أنه لا يعبد إلا الله ، حيث العبادة بصورة عامة هي قضية الخشية ، وهي الحالة القلبية الظاهرة في مظاهر القال والفعال ، مهما كانت لها درجات أعلاها ل (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ) (٣٣ : ٣٩).
فخشية الله على ضوء الإيمان بالله تحمل صاحبها على إقام الصلاة لله في بيت الله ، وعلى إيتاء الزكاة وأفضله ـ كذلك ـ بيت الله لمكان
__________________
ـ وسلم) : من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا أوسع منه في الجنة ، وفيه عن أنس عنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال : ابنوا المساجد واتخدوها حمى.
(١) تفسير الفخر الرازي ١٦ : ١٠ عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) :
(٢) المصدر أخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن الأصم قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) : وفيه أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): إن الله سبحانه يقول : إني لأهم بأهل الأرض عذابا فإذا نظرت إلى عمار بيوتي والمحابين فيّ والمستغفرين بالأسحار صرفت عنهم.