وترى (لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا) تسلب عنه ـ وبأحرى ممن سواه ـ الإختيار في جلب النفع وسلب الضر؟ كلّا لمكان (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) حيث تثبت له ملكا للنفع والضر بمشيئة الله ، وهي عبارة أخرى عن الأمر بين أمرين ، فنحن لا نملك نفعا ولا ضرا مستقلين عن إرادة الله ، والله لا ينزّل علينا نفعا ولا ضرا دون عمل ومحاولة منا اللهم إلا ما لا يحصل بعمل وما أشبه ، فقد يشاء الله ما نشاء حسب الصالح من حكمته تعالى وتقدس ف ـ (ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) وما أشبه دليل واقع المشية منا في خير أو شر ، ولكنها مربوطة بإذن الله.
(إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فقد انحصر كياني في هذه السلبية والإيجابية الرساليتين في حقل رسالتي من الله ، دون أية ولاية تكوينية أو تشريعية ، ولا أي علم لا تقتضيه الرسالة الربانية لزاما أو رجحانا.
ذلك ، وقد يروى عنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) قوله : «والله ما أدري وأنا رسول ما يفعل بي» نسخة طبق الأصل : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٤٦ : ٩).
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها ليَسْكُنَ إليهَا فَلَمَّا تَغَشَّاها
حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَماّ اَثْقَلَتْ دَعَوُا اللهَ