وحذركموها في كتابه الصادق بالبيان الناطق فلا تأمنوا مكر الله وتحذيره عند ما يدعوكم الشيطان اللعين إليه من عاجل الشهوات واللذات في هذه الدنيا فإن الله عزّ وجلّ يقول : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) فأشعروا قلوبكم خوف الله وتذكروا ما قد وعدكم الله في مرجعكم إليه من حسن ثوابه كما قد خوفكم من شديد العقاب (١)
ذلك! ومن الجاهلين الماحلين الذين يحسبونهم عارفين فالحين من يصفهم الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) في عظة له :
لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل ، ويرجئ التوبة بطول الأمل ، يقول في الدنيا بقول الزاهدين ، ويعمل فيها بعمل الراغبين ، إن أعطي منها لم يشبع ، وإن منع منها لم يقنع ، يعجز عن شكر ما أوتي ، ويبتغي الزيادة فيما بقي ، ينهى ولا ينتهي ، ويأمر بما لا يأتي ، يحب الصالحين ولا يعمل عملهم ، ويبغض المذنبين وهو أحدهم ، يكره الموت لكثرة ذنوبه ، ويقيم ما يكره الموت له ، إن سقم ظل نادما ، وإن صح امن لاهيا ، يعجب بنفسه إذا عوفي ، ويقنط إذا أبتلي ، إن أصابه بلاء دعى مضطرا ، وان ناله رجاء أعرض مغترّا ، تغلبه نفسه على ما يظن ، ولا يغلبها على ما يستيقن ، يخاف على غيره بأدنى من ذنبه ، ويرجو لنفسه بأكثر من عمله ، إن استغنى بطر وفتن ، وإن افتقر قنط ووهن ، يقصّر إذا عمل ، ويبالغ إذا سأل ، إن عرضت له شهوة أسلف المعصية ، وسوّف التوبة ، وإن عرته محنة انفرج عن شرائط الملة ، يصف العبرة ولا يعتبر ، ويبالغ في الموعظة ولا يتعظ ، فهو بالقول مدلّ ، ومن العمل مقلّ ، ينافس
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ١١٢ في روضة الكافي كلام لعلي بن الحسين (عليهما السلام) في الوعظ والزهد في الدنيا يقول فيه : وفيه عن الخصال عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال : ثلاثة من أشد ما عمل : إنصاف المؤمن نفسه ومواساة المؤاخاة وذكر الله على كل حال وهو أن يذكر الله عند المعصية وهو قول الله عزّ وجلّ : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا) : وفيه عن الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن قول الله عزّ وجلّ : «إذا مسهم» قال : هو العبد يهم بالذنب ثم يتذكر فيمسك فلذلك قوله : (تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ).