صحيح أنهم كانوا مجبرين في إعطاء الزكوة من التسعة الشهيرة ، لا محيد لهم عنها ، ولكنه لا يبرر ذالك الإختصاص الامتصاص من حقوق الفقراء ، فقد كان ولا بد أن يفتي بدفع بقية الزكوات لأهليها الآهلين لها بذوات أيدي الدافعين.
ذلك ، فلا مبرر لفتوى اختصاص الزكوة بهذه التسعة لا مؤقتا ولا دائما ، حيث النصوص المتظافرة كتابا وسنة دالة على العموم.
وحين تحمل أحاديث التعميم على التقية ـ ولا قائل به من العامة إلّا قليل هو أقل من الشيعة ـ فهل تحمل آيات التعميم ـ كذلك ـ على التقية؟.
وترى مما ذا ـ إذا ـ التقية؟ وقضية التقية ـ وهي موافقة الأكثرية العامة في العامة ـ هي حمل أخبار التسعة على التقية لموافقتها فتاوى العامة ومخالفتها للكتاب والسنة دون أن تحمل أدلة التعميم آيات وروايات على التقية.
إذا فهذه تقية بغية غير نقية ، شكلت حرمانا شاملا للفقراء والمحاويج ، دون أي مبرر شرعي أو عقلي أو خلقي.
أفهكذا يهرب من القرآن إلى أمثال هذه الأحاديث التي هي أحدوثات مخزية في الدين؟ وكما عن سلمان الفارسي مخاطبا ذلك الجيل المضل : هربتم من القرآن إلى الأحاديث ، وجدتم كتابا دقيقا حوسبتم فيه على
__________________
ـ لم أصب لها أحدا؟ قال : انتظر بها سنتين حتى بلغ أربع سنين ، ثم قال : «إن لم تصب لها أحدا فصرها صررا واطرحها في البحر فإن الله عز وجل حرم أموالنا وأموال شيعتنا على عدونا» أقول : لا يعنى من الطرح واقعة ، وإنما هو تأكيد لحرمتها على أعداهم.
وهنا يقول القرطبي في جامع أحكام القرآن (٩ : ١١٢) في تفسير سورة التين نقلا عن ابن العربي أن التين من أهم المؤون وهو من الأموال الزكوية ، والسبب في عدم تصريح العلماء بوجوب الزكوة فيه إسراف الولاة في الزكوات وكأنها من أموالهم الخاصة ، وذهب الشافعي إلى عدم وجوب الزكوة في الزيتون ـ رغم أن فيه الزكوة ـ بنفس السبب.