هو تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله قاصرين أو مقصرين أو مقصرين وقاصرين ، فلا يحل التقليد الطليق بل ولا أصل التقليد ممن هذه صفته بتقصير أم قصور.
ذلك ، فاتباع غير الله كما الله اتخاذ له ربا كما الله ، وأما الرسل وسائر المعصومين فاتباعهم هو اتباع الله ف (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (٤ : ٨٠) ولكن غير المعصومين الذين يجوز عليهم الخطأ قصورا أو تقصيرا فليس إتباعهم طليقا مطبقا ، إنما يتبعون فيما يعلم أنهم صادرون فيه عن الله أم لا يتهمون ، وأما المشكوك فضلا عن المعلوم تخلفهم عن حكم الله ، فليس إتباعهم فيهما إلا اعتبارا لألوهتهم أو رسالتهم عن الله ، أما الرسالة فكيف يكذب الرسول على الله أو يعارضه في حكمه ، وأما الألوهية فهي هيه في هذه الطاعة الطليقة الخاطئة.
فلذلك ، كما الاجتهاد في الدين تفصيليا فرض على المستطيعين ، كذلك الاجتهاد إجماليا فرض على القاصرين ، أن يتأكدوا ممن يقلدونه أنه صادر حسب مكنته عن الله ، فأما المشكوك فيه ، فضلا عن المتأكد كونه صادرا عن هواه ، فليس إتباعه إلا تأليها له كما الله ، فإن الله هو الذي يحلّل أو يحرم دون سواه ، ولا رسول الله.
هذا ، وفي تبديل صيغة الربوبية هناك : (أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) بالألوهية هنا : (إِلهاً واحِداً) لمحة لامعة أن الربوبية هي من لزامات الألوهية ، فاختصاص العبادة بالله هو اختصاص للربوبية بالله ، ومنها الطاعة الطليقة حيث تختص بالله.
فلما أطاعوا أحبارهم ورهبانهم طليقة وهم يعلمون تخلفهم عن شرعة الله ، فقد عبدوهم كأرباب ، فقد ألّهوهم ـ إذا ـ كما الله في حقل
__________________
ـ أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم لما أجابوهم ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون ، وعنه (عليه السلام) من أطاع رجلا في معصية الله فقد عبده ، وعنه في الآية : أما والله ما صاموا لهم ولا صلوا ولكنهم ...