وقد خرج سعيد بن المسيب إلى الغزو وقد ذهبت إحدى عينيه فقيل له : إنك عليل صاحب ضرر ، فقال : استنفر الله الخفيف والثقيل فإن عجزت عن الجهاد كثّرت السواد وحفظت المتاع (١).
ذلك ، ولأن الآية في موقف الاستنفار العام فلا تنسخ ولا تنسخها آيات العذر من عمى وما أشبه ، فلكلّ دور يخصه دونما تناسخ.
ذلك ، والروايات المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بحق الجهاد والمجاهدين تبلغ مئات ومئات وإليكم عناوين منها : «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا» و «أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله» و «الجهاد أفضل العمل» و «غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها» «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله» «لا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق حتى تقوم الساعة» «المجاهد في سبيل الله حق على الله عونه» و.. (٢).
أترى الإسلام يأمر أو يسمح بقتال من لا يقاتلنا ولا يضارنا بشيء؟ كلّا فإن قتال من لا يعتدي اعتداء محظور كضابطة : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ
__________________
ـ أنت معذور عند الله ، فرفع حاجبيه وقال : يا ابن أخي استنفرنا الله خفافا وثقالا ، ألا إن من أحبه ابتلاه.
(١) المصدر عن الزهري : خرج .. وفيه قيل للمقداد بن الأسود وهو يريد الغزو : أنت معذور ، فقال : أنزل الله علينا في سورة براءة : انفروا خفافا وثقالا. وفي تفسير «في ظلال» ٤ : ٢٢٦ : قرأ أبو طلحة سورة براءة فأتى على هذه الآية فقال : أرى ربنا استنفرنا شيوخا وشبانا جهزوني يا نبي ، فقال بنوه : يرحمك الله قد غزوت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى مات ومع أبي بكر حتى مات ومع عمر حتى مات فنحن نغزو عنك ، فأبي فركب البحر فمات فلم يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد تسعة أيام فلم يتغير فدفنوه بها ، وفيه روى ابن جرير باسناده عن أبي راشد الحراني قال : وافيت المقداد ابن الأسود فارس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالسا على تابوت من توابيت الصيارفة وقد فضل عنها من عظمه يريد الغزو فقلت له : قد أعذر الله إليك ، فقال : «أتت علينا سورة البعوث» أقول : وهي من اسماء هذه السورة.
(٢) مفتاح كنوز السنة نقلا عن عشرات من كتب السنة.