ثم (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) ليست لتشمل كافة المؤمنين ، إنما هم القمة في الإيمان ، (فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) (٩ : ٩٦) ف (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ..) (٤ : ١٢٣).
إذا فلا يختص رضى الله بالمهاجرين والأنصار ـ الأصحاب ـ والتابعين ، بل ولا تعمهم كلهم ، إنما مرضات الله تحلّق على كافة المؤمنين المهاجرين في الله ، المناصرين لدين الله ، تابعين ومتبوعين ، درجات حسب الدرجات ولا يظلمون نقيرا.
وإذا فلا دور لأفضلية أبي بكر ومن أشبه لأصل المهاجرة والمناصرة ، أم سبقه في الهجرة على علي (عليه السلام) حيث المقام بمكة بأمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لإدارة شؤون المسلمين المحطّمين أفضل من مصاحبة الرسول في الغار وإلى الهجرة ، مهما كانتا ـ أيضا ـ بأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث التضحية ليلة المبيت تفوق الصحبة في الغار.
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ)(١٠١).
صحيح أن (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً ..) كأكثرية ساحقة أو مطلقة ، ولكن (مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) أكثر من الأعراب ، ف «منافقون» وصفا ل (مِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ) تعني طليق النفاق ، ثم (مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) وصفا ل (مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) تعني النفاق الطليق ، وأين طليق النفاق من النفاق الطليق حيث (مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) : تجردا عن أي وفاق ، فدخولا في أي نفاق ، حيث المرد هو الجرد وهو هنا التجرد عن أصول الإيمان وفروعه.
فأنت الرسول «لا تعلمهم» علامة وعلما إذ هم متسترون في نفاقهم بما مردوا ، وإنما (نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) ف (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ) مرة لأصل